النفط دون عتبة 80 دولاراً فـي أدنى مستوياته منذ 2010

15/11/2014

استقر سعر برميل النفط امس الاول الخميس في سوق التداول في لندن على ما دون 80 دولاراً في أدنى مستوى منذ أربعة أعوام إثر دخوله في حلقة تراجع منذ أشهر بسبب عرض غزير وطلب ضعيف قبل أسبوعين من اجتماع لـ"منظمة الدول المصدرة للنفط" (اوبك).
وفي نيويورك، بدأ التداول بأسعار النفط الخميس على انخفاض بسبب موجة من المبيعات في سوق تخشى فائضاً في العرض أمام احتمالات طلب متراجع وسعر صرف قوي للدولار.

وحوالى الساعة 14:20 بتوقيت غرينتش، فقد سعر برميل النفط المرجعي الخفيف في سوق التداول في نيويورك (نايمكس) تسليم كانون الأول (ديسمبر) 87 سنتاً ليصل الى 76.31 دولاراً، في أدنى مستوى له منذ بداية تشرين الأول (أكتوبر) 2011.

وبعد أن تدهور الأربعاء الى ما دون عتبة الثمانين دولاراً للمرة الأولى منذ 2010، سجّل سعر برميل النفط المرجعي لبحر الشمال "برنت" 79.35 دولارا الخميس في لندن، في أدنى مستوى له منذ 29 ايلول (سبتمبر) 2010.

وهذا التدهور الكبير في سعر النفط الخام يشكل للوهلة الأولى نبأ ساراً للدول المستهلكة ولا سيما تلك التي تعاني في النهوض فعلياً منذ الأزمة المالية في 2008.

ولفت الخبير الاقتصادي لدى بنك "ساكسو" كريستوفر دمبيك الى أنه "إذا استمر هذا المستوى (من الأسعار) لفترة طويلة، فقد يكون نبأ ممتازاً للمستهلكين في العالم أجمع بما أن انخفاض سعر البرميل سينسحب عندئذ على الأسعار في محطات الوقود". وأضاف "لكننا ننسى ذلك في غالب الأحيان، وعلى الرغم من أن السعر الضعيف للبرميل إيجابي بالنسبة الى المستهلك، لكنه يسرع مخاطر الانكماش في منطقة اليورو المرتبطة، كما تشير أرقام التضخم كل شهر، بتراجع أسعار الطاقة. وسنكون مخطئين بالتالي ان عبرنا عن ترحيبنا بسرعة بنفط أقل غلاء".

ومنذ تسجيل أعلى سعر في منتصف حزيران (يونيو) (115.71 دولاراً)، تدهور سعر برميل النفط الخام المرجعي الأوروبي أكثر من 30 في المئة بسبب عوامل تستدعي التراجع وبينها عرض كثير وطلب خجول وسعر صرف قوي للدولار.

وفي الآونة الأخيرة، تسارعت وتيرة ضغوط التراجع لأنه لا يبدو أن منظمة "أوبك" عازمة على خفض انتاجها أثناء الاجتماع المقبل لها المتوقع في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) في فيينا على الرغم من الفائض من العرض في السوق. من جهته، لفت جون كيلداف من مؤسسة "اغين كابيتال" الى أن "الأسعار تتراجع ايضاً، انه الوضع ذاته. ان تراجع سعر برنت الى ما دون عتبة الثمانين دولاراً للبرميل يدل على قوة النزعة التراجعية في السوق أمام عرض غزير جدا".

وفي هذا الاطار، قال كيلداف إن "الأسعار بدأت مسار الانزلاق حتى اجتماع الكارتل" في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) في فيينا.

ووفق ما يقول المحللون في "كومرزبنك"، فإن التعليقات الأخيرة الأربعاء لوزير النفط السعودي علي النعيمي لم تسمح بتوضيح موقف اكبر الدول المنتجة في "أوبك".

واعتبر المحللون ان "كل ما قاله هو انه يريد سوقا مستقرة واسعاراً متينة وعدم الانخراط في حرب أسعار. وبتعبير آخر، كل شيء سيكون مقبولاً في نظر النعيمي اذا استقرت الأسعار عند المستوى الحالي".

من جهة اخرى، ينتظر المستثمرون الخميس التقرير الأميركي حول مخزونات النفط في الولايات المتحدة والذي ينشر متأخراً يوماً واحداً عن المعتاد بسبب عطلة الثلاثاء.

وبحسب المحللين الذين ردوا على أسئلة وكالة "داو جونز"، فإن مخزونات النفط الخام والبنزين زادت بواقع 300 ألف برميل الأسبوع الماضي.

وعلى العكس، فإن احتياطات المشتقات النفطية (وبينها الغاز أويل وفيول التدفئة) تراجعت 1.6 مليون برميل.

وفي الأشهر الأخيرة، خفضت المملكة العربية السعودية مرارا اسعار مبيعاتها في أوروبا واسيا وفي الآونة الأخيرة في الولايات المتحدة، ما فسره المراقبون بالرغبة في الحفاظ على حصصها في السوق بدلا من محاولة عرقلة انزلاق أسعار الذهب الأسود.

لكن دول عدة أعضاء في "أوبك" أعربت عن معارضتها للمستوى الحالي للأسعار لأنه يهدد ماليتها العامة.

وأوضح كريستوفر دمبيك أن "الدول الخاسرة كثيرة. نفكر في روسيا وكل أعضاء أوبك خارج شبه الجزيرة العربية، مثل فنزويلا والجزائر ونيجيريا. فهذه الدول بحاجة الى سعر نفطي أعلى بكثير، نحو 100 دولار للبرميل، لتغذية النمو وتفادي انحراف كبير في عجز" الموازنات.

وكما قال هذا المحلل، فإن السوق النفطية دخلت في "نموذج جديد" منذ بروز النفط الصخري في الولايات المتحدة.

وانتقل أول اقتصاد في العالم من إنتاج ما معدله خمسة ملايين برميل في اليوم في 2008 الى قرابة 8.4 ملايين برميل في اليوم في الأشهر الثمانية الأولى من هذه السنة، بفضل استغلال موارد غير تقليدية من المحروقات.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لا تصدر النفط الخام، فإن هذه الزيادة القوية في الإنتاج الأميركي تنسحب على السوق العالمية بما انها تسمح للبلد بخفض وارداته ما يجبر مزوديه السابقين على إيجاد منافذ اخرى.

وحالة نيجيريا في هذا الاطار تحمل اشكالية كبيرة لأنها زودت الولايات المتحدة بنحو 1500 برميل في اليوم في شهر آب (اغسطس) مقابل 30 الف برميل في اليوم في آب 2010.

من جانب اخر توقع مصرف أميركي معروف، امس الاول الخميس ، أن تتراجع أسعار النفط العالمية إلى معدل 70 دولاراً للبرميل نهاية العام 2014، وأن تستمر في هبوطها إلى 65 دولاراً مطلع العام المقبل، قبل أن تعاود الصعود إلى أكثر قليلاً من 87 دولاراً عام 2016، ودعا أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إلى تقليص سقف تجهيزهم للأسواق العالمية بمعدل مليون برميل يومياً تفادياً لإغراقها.

وقالت وكالة الاناضول التركية، في تقرير لها اطلعت عليه (المدى برس)، إن "مصرف جي بي مورغان JPMorgan الأميركي العملاق للخدمات المصرفية والمالية، توقع في تقريره لتشرين الثاني الحالي، هبوط أسعار نفط برنت الخام أكثر خلال كانون الأول المقبل، ليصل معدلها إلى نحو 70 دولاراً للبرميل"، عاداً أن "المعارك الدائرة في ليبيا والعراق، والعقوبات على إيران، وعدم التوصل إلى اتفاق بين أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) على سقف الإنتاج، عوامل مساعدة لذلك الهبوط".

وتوقع المصرف أيضاً، بحسب الوكالة التركية، أن "يهبط سعر نفط برنت أكثر خلال كانون الثاني من العام 2015 المقبل إلى 65 دولاراً"، مستدركاً "لكن مؤشر سعر خام برنت الدولي سيرتفع بعدها إلى 82 دولاراً للبرميل، ليصل إلى 87.75 دولاراً للبرميل خلال العام 2016".

وأضاف جي بي مورغان في تقريره، أن "المعارك الدائرة في ليبيا والعراق، والعقوبات المفروضة على إيران، وقرار أعضاء منظمة الأوبك بشأن معدلات الإنتاج، فضلاً عن إنتاج نفط شيل الأميركي الخفيف، كلها تعد عوامل أسهمت في تحديد توقعات أسعار النفط"، مبيناً أن "الطلب الأوربي على النفط بدا وكأنه أضعف مما كان متوقعاً، في حين أن الطلب الآسيوي لم يستوعب الكميات المطروحة في السوق بنحو كامل، ما أدى إلى هبوط أسعاره خلال الأشهر الأخيرة".

ورأى المصرف الأميركي، أن "إمكانية أعضاء أوبك التوصل لاتفاقية تنظم سقف الإنتاج، تبدو ضئيلة، خلال اجتماعهم المرتقب في (الـ27 تشرين الثاني الحالي)"، عازياً ذلك إلى "عدم تعاون الدول الأعضاء بالمنظمة بينهم حتى الآن". وأوضح جي بي مورغان في تقريره، أنه في "الوقت الذي بيّنت فيه السعودية والعراق والكويت، خلال الأشهر القليلة الماضية، عدم نيتها تقليص الإنتاج، فإن فنزويلا تتصدر بقية الدول الأعضاء في الأوبك الداعية لتقليص معدلات تجهيز النفط في السوق العالمية تفادياً للخسائر الناجمة عن هبوط الأسعار"، مؤكداً أن "الأوبك إذا ما أرادت تقليص الإنتاج فإن على أعضائها كافة الالتزام بذلك".

وخلص مصرف JPMorgan، إلى أن على "أعضاء منظمة الأوبك أن يقلصوا سقف تجهيزهم للأسواق العالمية بمعدل مليون برميل يومياً خلال الربع الأول من عام 2015 المقبل، لتفادي إغراقها بالنفط الخام"، مضيفاً أن "تقليصات الإنتاج يمكن أن تحصل خلال شهري شباط واذار طالما أن التوصل الى اتفاقية قد لا يتم في شهر كانون الثاني المقبل".

يذكر أن أسعار النفط العالمية واصلت الهبوط خلال المدة القليلة الماضية من معدلاتها التي كانت تفوق المئة دولار إلى أقل من ثمانين دولاراً، ما أدى إلى تضرر كبير للدول المصدرة، لاسيما العراق الذي يعاني أساساً عجزاً كبيراً في موازنته المالية، بسبب اعتماد اقتصاده "شبه الكامل" على "الذهب الأسود"، وطبيعة ظروفه الراهنة نتيجة حربه ضد "الإرهاب" واضطراره مواجهة أزمة الملايين من النازحين.
Last Update:: 15/11/2014
Iraq Directory